هذه خاطرة للأستاذة حنان الصّيد منّاعي (مستشارة في الإعلام والتوجيه، وزارة التربية، تونس) بعامّيّة تونسيّة بسيطة ومباشرة، تدخل في عمق دور المستشار وفي بعض من مشاعره وعلاقته مع مهنته وفي أحد أهمّ مشاغلنا جميعا .. "زعمة المشكل وين ؟"...
ها المدَة قاعدة ندور بين المدارس الإعدادية و نخدم مع تلامذة السابعة أساسي : نعمل معاهم في حصص (ليست حصص درس) حول التأقلم مع المرحلة الإعدادية اللَي تتغير فيها برشة حاجات من نظام الدراسة إلى نظام الإمتحانات مرورا بنظام العقوبات والمواد وضواربها وأفراد الأسرة التربوية ونتحدثو خاصة على السلوك الحضاري وعلى أهمية المطالعة ودورها في نحت شخصيتهم وإعطائهم الزاد اللَغوي والحسَي الضروري باش ينجحو في حياتهم وفي قرايتهم.
في الحقيقة الخدمة معاهم فيها لذة لا تضاهي خاصة أني نحرص على إعطائهم المجال باش يعبرو على أحاسيسهم ومخاوفهم وأحلامهم ..."كل واحد فيكم يقول شنوَة يحسَ" : في البداية يستغربو مالشيء اللَي طالبتو منهم وتصعب عليهم الإجابة لكن مع كل واحد ياخذ الكلمة تتحل عقدة الألسنة ويبداو يحكيو على إرتباكهم وقلقهم ...على خوفهم وتخوفاتهم...على بعدهم على عايلاتهم بالنسبة للمقيمين وكيفاش النهارات الأولى في المبيت كانت صعيبة عليهم وبرشة منهم حبوا يروَحو...على فرحتهم وسعادتهم بالمرحلة الجديدة في حياتهم ...على عزمهم على النجاح في حياتهم ...على أحلامهم الصغيرة ونظرتهم البريئة للدنيا ...على حبهم لأساتذهم وخوفهم من البعض ...سعادة لا توصف قاعدة نعيش فيها معاهم ...نتعلم منهم ويتعلمو مني ...نغزرلهم في عينهم ونقوللهم أغزرولي في عينيا وفي عينين أصحابكم وقت اللَي تتكلمو ونخمم بيني وبين روحي ونقول أن المنظومة التربوية تنجَم نخرَج منهم العجب لو كان نعرفو نرافقوهم ونأطروهم ونسقيو البراعم المتخبَية فيهم ...
لكن مع السعادة هذي فما سؤال ما يفارقنيش : علاش التلامذة هاذم وقت اللَي ترجعلهم بعد أربعة سنين وإلا خمسة تلقاهم فقدو الدافعية والحيوية اللَي تميزهم ؟علاش وقت تلوج على هاك الشعلة الَي في عينيهم ما تلقاهاش ؟ زعمة المشكل وين ؟ ...