مقالات تحليلية، آراء وخواطر

قصّة الباكلوريا - العتب على الحرف..
  
   

التاريخ : 08-07-2020 مطالعات : 3007

بقلم الأستاذ الصغيّر حسن*

 

منذ ثلاثين سنة ومع كل امتحان باكالوريا تعود بي الذاكرة إلى قصة مؤلمة وطريفة في نفس الآن حدثت لي بعد يوم من إعلان النتائج.

وفي تلك الفترة كانت نتائج الباكالوريا تعلن عبر مكبرات الصوت من المعهد حيث يتجمع أمامه خلق كثير من المترشحين وذويهم وأصدقائهم وحتى من عابري السبيل والمتسكعين، وبعد أن سمعت اسمي من بين الناجحين وتلقيت التهاني عدت إلى القرية منتشيا مزهوا فقد كان ينظر حينها لحامل الباكالوريا نظرة تقدير كبير خاصة إذا كان من أبناء الفقراء أمثالي.

ومن الغد تركت الأهل يتأهبون للوليمة الكبرى التي ذبحت من أجلها الأغنام ودعي الأهل والجيران وتوجهت إلى المعهد معهد الحسين بوزيان بقفصة حتى آخذ دليل التوجيه لاختيار شعبة التخصص في الجامعة. دخلنا إلى المعهد واصطففنا أمام الإدارة وكان المسؤول عن هذه العملية السيد السماوي (للأسف نسيت اسمه) جالسا أمام مكتب وبجانبه كومة من كتاب دليل التوجيه عزيزة المنال فيتقدم الواحد منا ويدلي باسمه فيبحث عنه السيد السماوي في قائمة أمامه ثم يضع أمامها علامة ويسلمه الدليل. وحين جاء دوري وأدليت باسمي بحث المسؤول في القائمة مرتين ولكن لا وجود لاسمي! نظر إلي قائلا ساعدني وابحث معي في هذه القائمة فقد اختلط الأمر علي! بحثت وتطوع بعض الزملاء بمساعدتي ولكن لا وجود لاسمي!!! سألني سي السماوي هل أنت متأكد من سماع اسمك؟ اجبت بنعم وهو ما أكده بعض الزملاء أيضا.

وفي لحظة نزلت كل شكوك الدنيا علي، وبدأت السيناريوهات المرعبة تتملكني ماذا لو أني لم أنجح فعلا وأن ما سمعته ليس ناجحا ولكن شبه لي؟ كيف ستكون ردة الفعل في القرية ؟ أكيد سأصبح مبعث سخرية الجميع وقصة تروى في مجالس الطرافة !!

وأمام كم الرعب الذي ظهر علي حاول سي السماوي أن يهدئ من روعي وأعلمني ألا داعي للخوف ربما سقط اسمي سهوا خلال عملية نقل القائمة بخط اليد وأنه سيتأكد من القائمة الأصلية. ثم خطرت لي فكرة فإدارة المعهد وبعد إعلان النتائج بمكبرات الصوت تعلق القائمات عند باب الأساتذة فركضت نحو الباب وبحثت عن اسمي ضمن قائمات الأقسام فوجدت مكتوبا أمامه admis بشكل لا لبس فيه فاطمأن قلبي قليلا لكن الخوف ما زال مسيطرا.

عدنا إلى الإدارة وأكدنا للسيد السماوي وجود اسمي ضمن قائمات الناجحين فقال إذن لا مشكلة سنتأكد من الأمر بعد أن ننتهي مما بين أيدينا. وفي لحظة ما نظر السيد السماوي نظرة من اكتشف شيئا أو تذكره فجأة وقال فعلا أذكر أن عدد الناجحين في الدورة الأولى 31 تلميذا وهذه القائمة تتضمن 30 اسما فقط ثم قلب الورقة فجأة فظهر اسمي يقبع وحيدا في ظهر الورقة متربعا على عرش مساحتها البيضاء. ويبدو أن كاتب القائمة قسم الصفحة إلى نصفين وسجل في كل واد 15 اسما وبما أن اسم عائلتي يبدأ بحرف S المتأخر في الأبجدية كنت آخر اسم في قائمة الناجحين ولما لم يبق حيز في تلك الصفحة قلب الورقة وكتبه.

رجاء لا تكتبوا الأشياء المهمة على ظهر الورقة واكتفوا بالكتابة على وجه واحد من الورق!!!

 

* الأستاذ الصغيّر حسن : صحفي تونسي بالمهجر.

أضف تعليقا أو اطلب استشارة حول الموضوع أعلاه الدخول إلى فضاء الإستشارات عن بعد
يتمّ الاحتفاظ بما تكتبه في فضائك الخاصّ دون نشر للعموم، ولا يطّلع عليه إلّا مستشارونا وفريق أورينتيني.   إرسال  

تعريف

هذا الموقع يهدف إلى تقديم معلومات ونصائح ووسائل عمل تساعدك على الاستعداد و اتخاذ القرار سواء كان ذلك في ميدان التعليم، التكوين المهني أو التشغيل. لكنه ليس موقعا رسميّا وهو مستقلّ تماما عن ايّ وزارة أو إدارة رسميّة تعمل في مجالات التوجيه أو التعليم العالي أو الثانوي أو التكوين المهني أو التشغيل.

آراء القراء

Top